البلوك تشين والمعاملات العقارية.. كيف يمكن أن تؤثر تقنية سلسلة الكتل على قطاع العقارات؟
لعبت تقنية البلوك تشين – Blockchain أو ما يُطلق عليها اسم سلسلة الكتل، على مدار السنوات القليلة الماضية، دورًا كبيرًا في العديد من المجالات.
وبفضل ما تتمتع به هذه التقنية الصاعدة من مزايا كثيرة وما تقدمه من خدمات عديدة، أصبحنا على أعتاب ثورة تقنية جديدة، سوف تغير من شكل المعاملات بالعديد من القطاعات الحيوية.
ويعد قطاع العقارات واحدًا من أبرز القطاعات التي بدأت بالفعل في الاعتماد على هذه التقنية الواعدة، والتأثر بها بشكل كبير. وفي ضوء ذلك، سوف نحاول من خلال هذا المقال توضيح العلاقة بين البلوك تشين والمعاملات العقارية، وكيف يمكن أن تؤثر هذه التقنية على قطاع العقارات في العالم كله.
ما هي العلاقة بين البلوك تشين وقطاع العقارات؟
هناك علاقة وثيقة بين تقنية البلوك تشين وصناعة العقارات، ولكن لفهم هذه العلاقة لابد في البداية من إلقاء نظرة سريعة على مفهوم البلوك تشين بشكل عام.
ويمكن تعريف البلوك تشين بأنه قاعدة بيانات عملاقة، يتم من خلالها تسجيل المعاملات في مختلف المجالات بطريقة غير تقليدية. ويتم التحقق من المعاملات التي يتم تسجيلها من خلال مستخدمين آخرين في نفس النظام، وبمجرد التحقق منها لا يمكن تغييرها بأي شكل من الأشكال.
وتقوم تقنية سلسلة الكتل بشكل أساسي على مبدأ اللامركزية، حيث لا يتم إدارتها أو التحكم فيها من قبل أي سلطة مركزية.
وبالعودة مرة أخرى إلى سؤالنا الخاص بالعلاقة بين البلوك تشين والعقارات، يمكننا القول بأن البلوك تشين بمثابة وسيلة يعتمد عليها قطاع العقارات لتقديم المزيد من الخدمات للمتداولين، وحل الكثير من المشكلات التي يواجهونها؛ وذلك بفضل ما تتمتع به هذه التقنية من مزايا عديدة مثل اللامركزية والشفافية والأمان وغيرها.
وهناك العديد من الطرق التي يمكن من خلالها لقطاع العقارات الاستفادة من تقنية سلسلة الكتل، وهو ما سيتم التطرق إليه بشكل تفصيلي في الجزء التالي من هذا المقال.
كيف يمكن أن تؤثر تقنية البلوك تشين في المعاملات العقارية؟
هناك ست طرق يمكن لتقنية سلسلة الكتل من خلالها التأثير على المعاملات العقارية، وهي كالتالي:
المنصات والأسواق
تقدم تقنية البلوك تشين طرقًا جديدة لتداول العقارات، من خلال تمكين منصات التداول والأسواق عبر الإنترنت؛ لدعم المعاملات العقارية.
ويعد خير مثال على ذلك، قيام شركة ATLANT بتطوير منصة تستخدم تقنية سلسلة الكتل في تسهيل المعاملات العقارية. وتسمح هذه المنصة للبائعين بترميز الأصول العقارية، وتداولها مثل الأسهم.
وبشكل عام، تعد هذه المنصات والأسواق بمثابة وسيلة جيدة للغاية لربط البائعين بالمشترين، وجعل المعاملات العقارية أكثر شمولًا.
عدم وجود وسطاء
على مدار سنوات طويلة، أصبح الوسطاء والمحامون والسماسرة وغيرهم من الأطراف الأخرى، بمثابة جزءًا أساسيًا من النظام البيئي العقاري.
ولكن مع ظهور تقنية البلوك تشين وبدء الاعتماد عليها بشكل كبير في القطاع العقاري، أصبح من المتوقع جدًا أن يتضاءل دور هؤلاء الوسطاء ويصل إلى حد الاختفاء، وذلك وفقًا لتقرير صادر عن شركة ديلويت – Deloitte.
حيث يمكن للمنصات الجديدة، التي سبق الإشارة إليها، أن تتولى مهام إعداد القوائم والمدفوعات والتوثيق القانوني وغيرها، وهو ما سيؤدي إلى الاستغناء عن الوسطاء، ومن ثم توفير الرسوم والعمولات التي كانوا يحصلون عليها، وكذلك أيضًا تسريع المعاملات.
السيولة
تعتبر العقارات من الأصول غير السائلة؛ وذلك لأن المبيعات الخاصة بها تستغرق وقتًا طويلًا. ولكن من خلال ترميز هذه الأصول عبر تقنية سلسلة الكتل، يمكن تداول العقارات بسهولة شديدة.
وبالتالي لا يتعين على البائع انتظار المشتري الذي يمكنه تحمل تكلفة العقار بالكامل؛ من أجل الحصول على جزء من قيمة ممتلكاته.
الملكية الجزئية
تعتبر الملكية الجزئية من أهم المزايا التي تقدمها تقنية سلسلة الكتل لقطاع العقارات. حيث تساهم هذه الميزة بشكل كبير في تقليل الحواجز أمام الاستثمار العقاري، الذي عادة ما يتطلب أموالًا كبيرة للغاية، لا يقدر الكثيرون على تحملها.
فمن خلال هذه التقنية المذهلة، يمكن للمستثمرين بكل بساطة تداول وبيع وشراء كسور الرموز العقارية، التي يرونها مناسبة.
اللامركزية
كما سبق وأن ذكرنا في مقالات عديدة سابقة، تعتبر تقنية البلوك تشين في الأساس تقنية لامركزية. وتتسم جميع البيانات والمعلومات التي يتم تخزينها عبر هذا النظام اللامركزي بالشفافية، حيث تكون هذه البيانات متاحة لجميع المستخدمين على الشبكة.
كما أنه من الصعب جدًا أيضًا تعديل البيانات التي يتم تخزينها، وهو ما يجعل عمليات التزوير والتلاعب بها شبه مستحيلة. ويمكن أن يستفيد قطاع العقارات بشكل كبير من هذه المزايا، حيث أن التبادل اللامركزي يؤدي إلى توفير المزيد من الثقة بين الأطراف المختلفة، وتقليل عمليات الاحتيال.
تقليل التكاليف
يمكن أن يؤدي النظام اللامركزي لتقنية البلوك تشين إلى خفض التكاليف المرتبطة بالمعاملات العقارية. فبالإضافة إلى الرسوم التي يمكن توفيرها من خلال الاستغناء عن الوسطاء، فإنه يمكن أيضًا توفير الأموال التي كان يتم إنفاقها على عمليات التفتيش والتسجيل وغيرها.
حيث تقوم المنصات والأسواق التي سبق الإشارة إليها بأتمتة هذه العمليات، وجعلها جزءًا من النظام.
مستقبل قطاع العقارات في ظل الاعتماد على البلوك تشين
في ضوء ما تم التطرق إليه، يمكننا القول بأن تقنية البلوك تشين لديها العديد من الإمكانيات الهائلة التي يمكن من خلالها إحداث ثورة في صناعة العقارات.
حيث تشير غالبية التوقعات إلى أنه من الممكن أن تشهد السنوات القليلة المقبلة تغيرات جذرية في هذا القطاع الحيوي، وذلك في ظل التوجه الحالي نحو تقنية سلسلة الكتل.
وسوف تشمل هذه التغيرات معاملات عقارية أسرع وأكثر أمانًا وشفافية وأقل تكلفة؛ وذلك بفضل المزايا العديدة التي تقدمها هذه التقنية الثورية. وبالتالي فعلينا الاستعداد لثورة تقنية جديدة، سوف تغير طريقة معالجتنا للمعاملات العقارية، وإدارتنا للبيانات الخاصة بها.
الخلاصة
على الرغم من أنه لايزال هناك الكثير من التطوير المطلوب لتحقيق المزيد من التكامل العملي بين البلوك تشين وقطاع العقارات، إلا أن البداية مبشرة. فقد أثبتت تقنية سلسلة الكتل أنها ستكون بمثابة إضافة جيدة ومتعددة الاستخدامات للمعاملات العقارية، وهو ما سنراه معًا.
لقد حاولنا من خلال هذا المقال تقديم دليل شامل ومبسط لمساعدة قراءنا في التعرف على العلاقة بين البلوك تشين والمعاملات العقارية، ومعرفة كيف يمكن أن يستفيد قطاع العقارات من هذه التقنية الواعدة.
اشترك في النشرة الإخبارية لمدونة UPYO ليصلك كل ما هو جديد من أحدث التطورات في التكنولوجيا الناشئة مباشرة إلى صندوق الوارد الخاص بك.
