مخاطر الميتافيرس.. ما هي؟ وكيف يمكننا التعامل معها؟
حقق مصطلح الميتافيرس – Metaverse أو ما يُطلق عليه اسم العوالم الافتراضية، شعبية كبيرة للغاية، خلال الفترة الماضية؛ وذلك بفضل ما يقدمه من مزايا عديدة وفرص رائعة، على الصعيد المالي والتقني وكذلك أيضًا الاجتماعي.
فالميتافيرس هو عبارة عن بيئة افتراضية يحكمها الإنترنت، حيث يمكن للناس من خلاله التواصل الاجتماعي والعمل والتعلم والتسوق واللعب والقيام بكافة الأنشطة التي يمكن ممارستها في العالم الحقيقي.
ولكن على الرغم من المزايا والإيجابيات العديدة التي يتمتع بها الميتافيرس، إلا أنه وللأسف ينطوي على بعض المخاطر والعيوب.
وفيما يلي، سوف نحاول من خلال هذا المقال استعراض أبرز مخاطر الميتافيرس، وكيف يمكننا التعامل معها ومواجهتها؛ وذلك للاستفادة من هذه التقنية الصاعدة على أكمل وجه.
أبرز مخاطر الميتافيرس
تتمثل أبرز مخاطر الميتافيرس في التالي:
المضايقات والتنمر
احتلت مشكلة التنمر عبر الإنترنت عناوين الصحف؛ وذلك نظرًا للمضايقات العديدة التي يتعرض لها الشباب والمراهقون عبر المواقع المختلفة. وتم توثيق آثار التنمر عبر الإنترنت من خلال دراسات عديدة، أشارت إلى أنها قد تتراوح من الشعور السيء بقيمة الذات إلى الدوافع الانتحارية.
ونظرًا لأن التجربة الإنسانية في الميتافيرس حقيقية مثل تجربتنا في العالم المادي، فإن المعاناة جراء هذه المضايقات ستكون أيضًا حقيقية وقاسية.
مشاكل الصحة العقلية
هناك بعض التهديدات الأخرى التي قد يتعرض لها المستخدمون في العوالم الافتراضية؛ بسبب إدمانها والإفراط في استخدام الأجهزة الخاصة بها.
حيث يعد إدمان الإنترنت أو الألعاب مشكلة كبيرة بالفعل للأطفال والكبار في وقتنا الحالي، وقد يكون الانخراط في قضاء كل وقتنا بالميتافيرس مشكلة أكبر في المستقبل.
ويشير الخبراء إلى أن الإفراط في استخدام منصات الميتافيرس وكذلك أيضًا الأجهزة المرتبطة بها، قد يؤدي إلى الإصابة بالعديد من الأمراض المرتبطة بالصحة العقلية، مثل القلق والتوتر والإجهاد والاكتئاب واضطراب ثنائي القطب واضطراب الشخصية الحدية والذهان وغيرها.
سرقة الهوية
يشعر العديد من الخبراء بالقلق بشأن احتمالية أن تصبح حوادث سرقة الهوية أسهل في عوالم الميتافيرس، إذا لم يتم تنفيذ تدابير أمنية صارمة.
ففي العالم الافتراضي، سوف نستخدم الصور الرمزية – Avatars، وسيكون من الممكن لأشخاص آخرين اختراق هذه الصور، وسرقة هوياتنا على الإنترنت. إذا حدث ذلك، فقد يتظاهر المتخرق بأنه أنت، ويمكن أن يتسبب ذلك في إحداث فوضى في عالمك الافتراضي وكذلك أيضًا الواقعي.
مشاكل الخصوصية
هناك العديد من المخاوف المشروعة بشأن الخصوصية في عالم الميتافيرس.
فالتكنولوجيا التي تتعقب بالفعل سلوكنا عبر الإنترنت ستكون موجودة أيضًا في الميتافيرس، ومن المرجح أن يصبح التعقب أكثر توغلًا؛ بسبب الأجهزة التي يتم استخدامها في هذه العوالم الافتراضية.
على سبيل المثال، تتضمن سماعات رأس الواقع الافتراضي – VR تقنية تتبع العين، بحيث يمكن للمسوقين والمعلنين أن يتعرفوا من خلال بيانات هذه السماعات على اهتماماتك، وجمع معلومات هائلة عنك لاستخدامها فيما بعد في أعراض التسويق وغيرها من الأغراض الأخرى.
وتعد هذه فرصة رائعة للمسوقين، لكنها مصدر قلق كبير لأي شخص مهتم بخصوصيته.
صعوبة تتبع استخدام الأطفال للميتافيرس
يواجه الآباء، في وقتنا الحالي، مشكلة كبيرة تتعلق بصعوبة تتبع ما يفعله الأطفال عبر الإنترنت بشكل عام.
ومن المتوقع أن يستمر هذا التحدي مع العوالم الافتراضية، بل سيكون فهم ما يفعله الأطفال عبر هذه العوالم أكثر صعوبة؛ لأن الآباء لا يمكنهم رؤية العالم الذي ينظر إليه أطفالهم عبر نظارات الواقع الافتراضي الخاصة بهم.
كما أنه حتى الآن لا توجد آلية لمراقبة الشاشات باستخدام الأجهزة اللوحية أو الهواتف.
اتساع الفجوة الرقمية
يتطلب الوصول إلى عوالم الميتافيرس المختلفة أجهزة عالية التقنية ومكلفة للغاية، مثل سماعات رأس الواقع الافتراضي وغيرها.
ولا يمتلك كل شخص في العالم الإمكانيات المادية التي تؤهله لشراء مثل هذه الأجهزة، وهو ما يجعل المساواة في الوصول إلى الميتافيرس شبه منعدمة.
وفي ضوء ذلك، من المتوقع أن يقتصر الوصول إلى هذه العوالم على الأشخاص الذين لديهم أكبر قدر من المال، ويعيشون في البلدان المتقدمة.
وسوف يؤدي ذلك إلى اتساع الفجوة الرقمية بين هؤلاء الأشخاص الذين يعيشون في الدول المتقدمة، والأشخاص الآخرين الذين يعيشون في الدول النامية، ولا يمتلكون الأموال التي تجعلهم قادرين على اقتحام هذه العوالم.
جمع بيانات غير مصرح بها
يعتبر من أبرز سلبيات الميتافيرس، هو احتمالية قيام الشركات بجمع بيانات غير مصرح بها عن المستخدمين. فالواقع الافتراضي لديه القدرة من خلال الأجهزة الخاصة به على جمع ونقل البيانات إلى مستوى بعيد.
على سبيل المثال، قد تسمح سماعات الواقع الافتراضي للأطراف الثالثة بجمع المزيد من البيانات الشخصية الحساسة، بما في ذلك بيانات البصمة الصوتية.
الهجمات عبر برامج الفدية
برامج الفدية هي برامج ضارة، تقوم بتشفير بياناتك وتمنعك أنت أو أي شخص آخر من الوصول إليها. وتقوم هذه البرامج بعرض رسالة تطالبك بدفع مبلغ معين من المال؛ للوصول مرة أخرى إلى بياناتك.
واستطاعت هذه البرامج الضارة تحقيق أهدافها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وسرقة بيانات ملايين المستخدمين من الملفات التعريفية الخاصة بهم.
وبما أن ملف التعريف الخاص بك على منصات الميتافيرس سوف يحتوي على معلومات أكثر حساسية من تلك الموجودة على حسابات مواقع التواصل الاجتماعي، فإن مخاطر هذه البرامج سوف تتعاظم.
تحديات قانونية
يعتبر من أبرز سلبيات الميتافيرس، هو عدم وجود قوانين وقواعد واضحة تحكم الممارسات التي تتم بداخله. وتدفعنا هذه المعضلة إلى طرح سؤال في غاية الأهمية، وهو: هل يمكن أن يكون الفعل الافتراضي جريمة؟
على سبيل المثال، إذا كنت في العالم الافتراضي وترتدي بدلة رسمية، ولمسك شخص ما دون إذنك، فكيف يختلف ذلك عن الوقائع المماثلة في العالم الحقيقي؟
وبالتالي سوف يجلب الميتافيرس تحديات تنظيمية عديدة، وسيؤدي إلى ظهور مناطق رمادية جديدة في الكثير من القوانين.
فقدان الاتصال بالعالم الحقيقي
يعتبر من أبرز أضرار الميتافيرس المحتملة، هو فقدان مستخدميه القدرة على الاتصال بالعالم الحقيقي والتعامل معه.
فقد يؤدي إدمان البعض للميتافيرس وقضاء المزيد من الوقت به إلى عدم الرغبة في الاعتراف بوجود عالم آخر غير هذا العالم الافتراضي، ومن ثم فقدان الاتصال بالعالم المادي.
كيف يمكن التعامل مع مخاطر العالم الافتراضي؟
تقع مسؤولية التعامل مع مخاطر العالم الافتراضي على عاتق كل من منصات الميتافيرس ومستخدميها، على حد سواء.
ففيما يتعلق بمشكلة التنمر والمضايقات التي يتعرض لها البعض، يجب أن تقوم كل منصة من منصات الميتافيرس بوضع قواعد محددة تسمح للأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي بتقييم سلوك المستخدم، والتصرف وفقًا لذلك.
كما يجب أن تقوم هذه المنصات أيضًا باتخاذ كافة التدابير الأمنية، التي تضمن عدم العبث بهويات المستخدمين أو انتهاك بياناتهم أو تعرضهم لأي نوع من الهجمات.
والأهم من كل ذلك، لابد من أن تقوم هذه المنصات بإيجاد آلية أو طريقة يمكن من خلالها للآباء تتبع سلوك الأبناء داخل العوالم الافتراضية.
أما فيما يتعلق بمشكلات الصحة العقلية التي قد يتسبب فيها الميتافيرس، فمواجهتها تقع على عاتق المستخدمين. حيث لا يجب الإفراط في استخدام مثل هذه المنصات وكذلك أيضًا الأجهزة المرتبطة بها.
كما يجب أيضًا على المستخدمين وضع حد فاصل بين العالمين الافتراضي والحقيقي، مما يسمح لهم القدرة على التعامل مع كل عالم بالشكل المناسب.
الخلاصة
يعتبر الميتافيرس مثله مثل أي تقنية صاعدة، تتمتع بالعديد من المزايا والإيجابيات، وتنطوي أيضًا على الكثير من العيوب والسلبيات. وعلى الرغم من المخاطر والسلبيات العديدة التي ينطوي عليها الميتافيرس، إلا أنه يمكن مواجهتها والتعامل معها.
وبما أن الميتافيرس يعتبر بمثابة تقنية حديثة، فمن المتوقع أن تشهد المزيد من التطورات والتحديثات التي ستعالج جميع المخاطر التي تم التطرق إليها في هذا المقال.
نتمنى أن يكون هذا المقال قد ساعدك في التعرف على مخاطر الميتافيرس، وكيفية التعامل معها بالشكل الأمثل.
اشترك في النشرة الإخبارية لمدونة UPYO ليصلك كل ما هو جديد من أحدث التطورات في التكنولوجيا الناشئة مباشرة إلى صندوق الوارد الخاص بك.
